مقالات بقلم الاعلامي /حسن الوريث
.. الدولة بين تعهد وبلطجة..
قال الراوي.. منذ أن دخلت المجالس المحلية في خط إدارة الدولة شهدت البلاد والخدمات والتنمية والإدارة تدهورا غير مسبوق حيث تحولت المشاريع والمناقصات فيها إلى سمسرة ومن يدفع أكثر تكون المناقصات وتنفيذ المشاريع من نصيبه وبالتالي فقد ادى ذلك إلى تنفيذ مشاريع في غاية السوء في كافة المجالات وحينما تتوجه إلى العملية الإدارية نجد أن هذه المجالس اخذت صلاحيات الوزارات لكنها لايهمها من هذه الصلاحيات سوى جباية الأموال اما نوعية الخدمات والعمل فإنه لايهمها واي تقصير فإنها ترمي به على الوزارات حتى تخرج من المسئولية .
قال الراوي.. هناك نقطة جوهرية في عمل المجالس المحلية تتمثل في فكرة جهنمية وشيطانية ابتدعتها وهي فكرة المتعهدين فبدلا من أن تقوم هذه المجالس بادارة العمل باعت الأسواق والفرز الخاصة بالنقل وتحصيل الضرائب وايرادات كثيرة لما يسمى " المتعهد " وبمبالغ تافهة وحقيرة بينما هذا المتعهد يحصل على ملايين ومليارات الريالات ويحرم الخزينة العامة من تلك الإيرادات الضخمة وبحسبة بسيطة يمكن أن نعرف حجم الخسائر التي تتكبدها الدولة جراء نظام التعهد وهي من كشوفات الإيرادات الرسمية للمجالس المحلية في مديرية واحدة كمثل على ذلك.. في مديرية التحرير يدفع متعهد النقل مائة ألف شهريا لخزينة الدولة تزيد أو تنقص قليلا لكنها في هذا الحدود بينما ما يجمعه المتعهد وبلاطجته يصل إلى ملايين تذهب الى جيوبهم وجيوب من سهلوا له العقد ولو انتقلنا إلى سوق شارع جمال فإنه ينطبق عليه نفس الشيء فالمتعهد يدفع للحكومة مائتين الف ريال بينما يتحصل هو على ملايين شهريا وهكذا يمكن القياس على بقية الأسواق والفرز ليس في امانة العاصمة وحدها ولكن في كل المحافظات وهكذا فإن فكرة المتعهدين الشيطانية تذهب على الدولة مليارات وهذا بفضل المجالس المحلية.
قال الراوي.. وقد انتقلت الفكرة من المجالس المحلية والأسواق والفرز إلى الدولة التي تتعامل مع المسئولين الذين يتم تعيينهم في الوظائف بمنطق المتعهدين حيث كان يتم تعيين المسئول والزامه بالجباية ولكنه يجبي للدولة فتات الفتات ويجمع لنفسه بقية الأموال وهذا المنطق جعل الكثير من المسئولين يبقون في الوظائف سنوات طويلة دون أن يتم تغييرهم واذا تم فإنه يتم نقلهم إلى وظائف اخرى قد تكون أعلى أو مساوية بحسب مايدفعه لمن يتولى دعمه في الجهات العليا.
قال الراوي.. نتمنى أن يتم إعادة النظر في نظرية التعهد والبلطجة سواء في تسليم الأسواق والفرز وتعهدات الجبايات أو في تعيين المسئولين وابقائهم الفترات الطويلة في مناصبهم رغم ثبوت عجزهم وفشلهم وتسببهم في تدهور العمل في أجهزة الدولة وكان يمكن أن نذكر بعض الأمثلة على أولئك المسئولين لكننا سنؤجله إلى مواضيع قادمة عل وعسى أن يكون هناك تغييرات حقيقية في منظومة القوانين والتشريعات وأولها تجميد العمل بقانون السلطة المحلية باعتباره أحد أبرز القوانين التي تسببت في عجز الدولة وظهور الكثير من التناقضات ليس مع عشرات القوانين فقط ولكن بين السلطات المركزية والسلطات المحلية وافرزت نظام التعهد والبلطجة وثانيها إجراء تعيينات من واقع الكفاءة والقدرة وليس منطق القرابة والولاء ومن يدفع ويجبي أكثر كما كان في السابق وادى بالتأكيد إلى انهيار منظومة الدولة ومؤسساتها.
قال الراوي.. نأمل أن تكون هذه الرسائل وصلت إلى من يهمه الأمر حتى تتخلص اليمن من نظام التعهد والبلطجة والانتقال إلى نظام الإدارة الرشيدة والتنمية الحقيقية والتعيين للأكفاء والافضل .. فهل وصلت الرسالة أم أن الأمر سيبقى كما هو نظام عقيم ودولة فاشلة ؟؟