لقاء خاص صنعاء /عبدالحميد الحجازي
نجيب الكامل
الإثنين /11/ابريل (2022م)
تعد السمبوسة من المأكولات الشعبية الرمضانية التي لاتخلو منها أية مائدة إفطار، بل أنها تحولت إلى إحدى الطقوس الثقافية الرمضانية.
ومع إقبال اليمنيين على السمبوسة وشرائها من محلات تفننت في إعدادها بأنواع مختلفة وحشوات متنوعة، أو شراء مكوناتها لإعدادها في المنازل.. فما هو تاريخ وأصول هذه الاكلة الشعبية، وما هي مراحل التطور في إعدادها وانتاجها حتى لاقت هذا الرواج والإقبال الكبيرين ؟!
أصل الحكاية
وجدنا أنفسنا ونحن نطوف محلات بيع السمبوسة أننا أمام حكاية لها ارتباط بالثقافة اليمنية وإلتقاء الحضارات بين الشرق والغرب.. وهذا ما أكده الأخ مروان حميد الزبيري- العدني للحلويات والسمبوسة- بأن ظهور السمبوسة في اليمن كان في أربعينيات القرن الماضي في عدن إبان الاستعمار البريطاني، وكان ظهورها نتاج للقاء حضاري هندي عدني.
واضاف أن هذه الأكلة دخلت إلى العاصمة صنعاء عقب ثورة 26 سبتمبر وتقريبا في 1963-1964م.. وظلت ملازمة لمائدة إفطار الصائم سواءً في شهر رمضان أو في الأيام المستحبة فيها الصيام في غير رمضان، كيومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
ويشير الأخ مروان إلى أن السمبوسة كغيرها من المأكولات ظهرت نتيجة ثقافات شعوب وحضارات حطت رحالها في اليمن، ومن خلال تلك الثقافات وجدت مأكولات وعادات متنوعة.
تفرد اليمن
انتاج السمبوسة في اليمن أخذ مراحل متعددة من التطور في شكلها وطريقة إعدادها حتى اضحت من أفضل المأكولات التي تتميز بها اليمن بين دول المنطقة.. وهنا يوضح مدير محلات العدني للحلويات والسمبوسة مروان الزبيري أنه يشرف على انتاج نحو 10 أنواع من السمبوسة، وجميعها حاز على رضى المستهلك ليس فقط في اليمن ولكن أيضاً في دول الجزيرة العربية.. وأضاف:" قبل العدوان كنت أشارك في مهرجان بدبي، وكنت اقوم بعرض " الرقاق" عجينة السمبوسة، فوجدت إقبالاً غير عادي من المواطنين في دول الخليج، فمواطني الخليج هم بطبعهم يعشقون اليمن وفنها وذوقها بل منهم أصول يمنية في السعودية وغيرها من الدول، لكن السياسة واصحاب القرار في تلك الدول من صنعوا العوائق وتنكروا لليمن وفضله عليهم.
تنوع وثراء
لا يمكن لأحد أن ينكر التفرد والتميز اليمني في العادات والتقاليد والأكولات والفن، وبالتالي تصدير هذه الثقافات إلى دول الجوار .. وهنا يقول مروان الزبيري: أن المسألة لا تقتصر على الاغاني اليمنية والدان الحضرمي الذي طغى على ألوان الغناء في منطقة الخليج، بل كان للمأكولات حضور رائع خصوصاً الحلويات اليمنية التي تزيد عن 30 صنفاً، بعكس مثلاً الحلويات في عمان التي تقتصر على نوع واحد فقط هو " الصوري" الذي يسمى في بلادنا "بكبد الفرس" أو الحلاوة الحمراء وأصلها في الاساس حلوى يمينة.
وأضاف: بلادنا لديها تنوع وثراء غير عادي في كل شيء، في المأكولات والحلويات وفي الثقافة والأغاني والموشحات الدينية، وكل دول الإقليم خصوصاً الدول الخليجية اخذت واستقت من ثقافة وفن اليمن ومأكولاتها وحضارتها، لكنها تتنكر لليمن وترفض حتى الاعتراف بفضل اليمن عليها.
أصعب الأعوام
مع نسبة الإقبال الكبير من المواطنين خصوصاً في العاصمة صنعاء على شراء السمبوسة، إلا أن مروان الزبيري يقول: إن هذا العام من أصعب الأعوام سواءً من حيث القدرة الشرائية للمواطن، أو من خلال الارتفاع الكبير في مدخلات إنتاج السمبوسة وارتفاع اسعار الزيوت بشكل جنوني، واشكالية توافر اسطوانات الغاز، وكذلك ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.. ولكنه يعود ليؤكد بأن العلاقة الحميمة التي بنيت خلال عشرات السنوات بينه وبين زبائنه من محبي السمبوسة، هي من جعلته كمدير لأكبر محلات بيع السمبوسة يكتفي بأقل الأرباح هذا العام للاستمرار، وهي أرباح – حسب وصفه- لا تذكر مقابل متطلبات وأسعار المواد الداخلة في الإنتاج، ولأن اي رفع للأسعار في هذه الظروف يعني خسارة 30-40% من المستهلكين.
مفاصل الإنتاج
في ظل الانتشار الكبير لمحلات لبيع السمبوسة في الاسواق والشوارع الرئيسية والفرعية، بحكم اتجاه الناس للعمل الخاص بسب الوضع الاقتصادي وتوقف الرواتب بالنسبة للموظفين، إلا أن مسألة الجودة تظل هي بيت القصيد وسبباً في الإقبال والشراء.. وهنا يؤكد مدير محلات العدني حرصه وإشرافه بشكل شخصي على كل مفاصل الإنتاج الخمسة بداية من إنتاج " الرقاق" عجينة السمبوسة، وقسم التقطيع، قسم خلط المواد، بما يحافظ على الجودة وسر المهنة.
أفضل الأنواع
وعن النظرة التطويرية يتحدث مروان الزبيري بالقول: " نسعى خلال العام المقبل إلى انشاء مصنع مصغر لإنتاج رقاق السمبوسة، علماً بأننا وصلنا إلى إنتاج أفضل أنواع الرقاق، ويفوق من حيث الجودة الرقاق المصنع في الخارج، فهناك سنبوسه تأتي من الدينمرك والإمارات ومن السعودية، ولكن ما ننتجه من الرقاق والسمبوسة هو الأفضل، لذلك نحن مستعدين للمنافسة والتصدير بعد استكمال اشياء متعلقة بالميكنة وهي مكلفة نوعاً ما.
واضاف: بعد استكمال المكينة سنكون قادرين على فتح خطوط إنتاج، اما في الوقت الحالي لسنا قادرين على تغطية احتياج السوق المحلية للعاصمة صنعاء والذي يصل من طن إلى طنين يومياً.