مقالات رياضة /رامي الآديمي
الاحد /27/فبراير (2022م)
في يوم الأربعاء ٢٣ فبراير شنت القوات الروسية هجوماً حربياً كبيراً على أوكرانيا، شمل هذا الهجوم إطلاق صواريخ على مدن وأهداف عسكرية. بدأ الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا براً وجواً وبحراً بعد خطاب تلفزيوني للرئيس الروسي فلاديمير بوتين طالب فيه الجيش الأوكراني بإلقاء أسلحته، مدعياً أنه جاء لحماية الشعب الأوكراني والحفاظ على حريته.
لكن التقارير الأولية تشير إلى سقوط ضحايا من المدنيين والجنود الأوكرانيين والقوات الروسية، إضافة إلى خسائر مادية وعسكرية كبرى.
رد الرئيس الأوكراني أن بلاده "لن تتخلى عن حريتها"، وطالب المجتمع الدولي وحلف الناتو للتدخل وحماية أوكرانيا من التدخل الروسي. لكن الناتو أكد أنه ليس لديه أي خطط لنشر قوات عسكرية في أوكرانيا في حال تعرضت لغزو روسي، واكتفى بوعد أوكرانيا بتقديم الدعم عند الضرورة.
أمريكا أيضاً اتخذت موقفاً مشابهاً، جو بايدن تعهد في وقت سابق من هذا الشهر، بعدم نشر قوات أمريكية في أوكرانيا تحت أي ظرف من الظروف، واكتفى بالتهديد بفرض عقوبات صارمة على موسكو، بالإضافة إلى عقوبات شخصية قد تشمل بوتين ومجموعة من القيادات السياسية والعسكرية، إلى جانب مجموعة من التهديدات بعقوبات أوروبية وكندية وبريطانية واسعة وقاسية ضد روسيا.
وفي حين يجري الحديث عن العقوبات الاقتصادية، كانت الرياضة أولى ورقات الضغط المستخدمة ضد روسيا، كون الرياضة جزء لا يتجزأ من الحياة السياسية. فقد قرر الإتحاد الأوروبي "يويفا" في ال25 من فبراير معاقبة روسيا من خلال نقل فعاليات نهائي دوري أبطال أوروبا من روسيا إلى فرنسا. النهائي الذي كان من المقرر إقامته في ال28 من مايو 2022 بحضور ما يقارب 70 ألف متفرج تم نقله من مدينة سان بطرسبورغ الروسية إلى باريس نتيجة لأوضاع الحرب ورداً على الغزو الروسي لأوكرانيا. كما قرر "يويفا" إقامة مباريات المنتخبات والأندية الروسية والأوكرانية على أراض محايدة حتى إشعار آخر. وأكد الإتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيانه الأخير أنه يراقب الأوضاع عن قرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى اتصاله الدائم بسفارات الدول الصديقة والمنظمات الدولية والحكومات المختلفة لتقييم الوضع بين البلدين.
لم يقتصر الأمر على موقف الإتحاد الأوروبي فقط ، فقد قامت العديد من الأندية والقطاعات الرياضية بنهج نفس المسار، منها من أعلن رفض المشاركة في المنافسات مع الفرق الروسية مثل نادي برشلونة، في حين طالبت بعض الأندية الأوربية بفسخ عقود الرعاية وعقود الملكية مع الشركات الروسية بما فيها شركة الطيران الروسية "إيروفلوت" إحدى رعاة نادي مانشستريونايتد الإنجليزي. في الوقت ذاته رفضت إتحادات بولندا والسويد والتشيك لعب مباريات تصفيات كأس العالم المقرر إقامتها في روسيا في مارس المقبل، مطالبين الاتحادين الدولي (فيفا) والأوروبي (يويفا) بتدخل فوري وتقديم مقترحات بديلة تتعلق بأماكن مباريات ملحق التصفيات، رغم تعهد الإتحاد الروسي بإجراء تأمين كامل لاستضافة المباريات في الملاعب الروسية.
من الجانب الروسي فقد علق الكرملين على قرارات الإتحاد الأوروبي باعتبارها "قرارات مؤسفة" ، وأضاف متحدث الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف "إن مدينة سان بطرسبرغ كان بوسعها تنظيم مهرجان كروي مثالي".
الجدير بالذكر أن روسيا حاولت - كمثل العديد من الدول - استخدام الرياضة في خدمة السياسة الروسية وتلميع صورة روسيا أمام المجتمع الدولي، حيث تدرك موسكو جيداً أهمية الرياضة في دعم خططها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصا بعد نجاح تجربتها في استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2014 وكأس العالم 2018.
في الواقع، قد لا تحتاج روسيا الرياضة بعد الآن لاستعراض قوتها، حيث أصبحت رغبات الروس في السيطرة على أوكرانيا واضحة ، وتحقيق المكاسب العسكرية بالنسبة لإدارة بوتين أهم من كسب النقاط الرياضية أو الاقتصادية. رغم أن هذه القرارت من الممكن أن تجعل الرياضة الروسية في معزل عن العالم لسنوات مقبلة، وحرمان روسيا من الفوائد الاقتصادية الناتجة عن استضافة مثل هذه الأحداث الرياضية الكبرى.
فهل ستشكل هذه القرارات ورقة ضغط حقيقي على روسيا لردعها عن حرب أوكرانيا ؟ وهل ستتبعها عقوبات أكبر وأكثر تأثيراً على الجانب الرياضي والسياسي ؟