.. صور مؤلمة وغياب أكثر إيلاما..
صور مؤلمة تتكرر كل يوم ولا احد يلتفت لها أو يلقي لها بالا سواء الدولة والحكومة بكافة أجهزتها أو القطاع الخاص والتجار ومنظمات المجتمع المدني والكل يمر من أمام هذه الصور والمشاهد بكل برود والكثير يهرب منها وكأنها لاتعنيه رغم أنها مسئولية الجميع وفي المقدمة الدولة والحكومة.
سأحاول انا وزميلي المواطن العزيز أن نقرب اليكم بعض هذه الصور هل وعسى تجد من يقوم بواجبه تجاهها ويكون هناك حلولا تساعدها على الخروج من مآسيها.. وسنبدأ من إحدى أكبر الأماكن تجمعا في العاصمة صنعاء وهو ميدان التحرير حيث نشاهد العشرات بل المئات من المتسولين ولكن ما يؤلم أولا ان هناك فتيات في عمر الزهور من سن السابعة إلى ١٥ يحترفن التسول بطريقة مؤلمة تجعلهن مطامع لبعض ضعفاء النفوس وما يؤلم ثانيا هناك نساء عجائز في سن كبيرة بعضهن لاتقوى على الحركة ولكن الحاجة والعوز جعلتهن يحترفن التسول في هذه السن وهناك رجال أيضا في سن متأخرة يحترفون التسول وعندما تخرج قليلا إلى الشارع العام تجد مئات المتسولين أطفال من سن الرضاعة ومافوق ونساء ورجال يملأون الطرقات المطاعم البوفيات المحلات التجارية وغير التجارية تغص بهم .
كنت انا وزميلي المواطن العزيز نتحدث في هذا الموضوع والذي نجده في كل الشوارع والاماكن والجولات وعلى أبواب الوزارات والمؤسسات والمكاتب والمستشفيات ومحلات الصرافة والبنوك وكل مكان وهناك أشخاص لايجدون حتى أماكن تؤيهم حيث ينامون في الشوارع في عز البرد والشتاء وأشخاص يبحثون في براميل القمامة عن ما يسد رمقهم وان هناك عجز حكومي كبير في هذا الأمر بل غياب تام وبينما كنا نتحدث وبجوارنا بعض الأشخاص كانت هذه الصور لاتكاد تنقطع في المكان الذي كنا فيه وحينما قال لي زميلي المواطن أين الجهات المسئولة من كل هذا ؟ وهل تعتقد أن هذا الغياب والصمت ناتج عن عمد ام تقصير ؟ .. قلت له يازميلي العزيز أعتقد أن الأمر فيه من كل ذلك فهناك عجز وهناك قصور وهناك عدم ادراك بالمسئوليات وهناك هروب وخاصة من هيئة الزكاة التي يفترض أن تكون هي من يتحمل مسئولية هؤلاء وفجأة انبرى أحد الموجودين ليقول .. لماذا تقول ان هيئة الزكاة مقصرة في عملها ؟ أتعرف ان الفقر موجود حتى في امريكا .. قلت له طبيعي ان يكون الفقر موجود في امريكا لأنه لايوجد فيها هيئة للزكاة وإلا لكانت قضت على الفقر تماما لكن انا اتحدث عن بلدنا إلي توجد فيها هيئة للزكاة ومصلحة الضرائب ومصلحة للجمارك وفيها صناديق للنظافة وصناديق للشباب وللتراث والزراعة والأسماك وكلها تجبي الأموال من المواطن المسكين المغلوب على أمره ولكن مازال الفقر والتسول موجود والنظافة في اسوا حالاتها والشباب لايجدون صندوقهم والمثقفين والادباء والفنانين وحتى الاماكن الاثرية تبحث عن صندوقها والزراعة صندوقها مغيب والاسماك نشكو من غياب صندوقها والكل يبحث عن صندوقه الغائب ومازال الوضع كما هو ولم يتغير شيء رغم كل ذلك وكل تلك الجبايات .
قال ذلك المواطن ما الذي تريد أن تعمله لك هيئة الزكاة وحدها ؟.. قلت له انا اتحدث عن غياب الرؤية الصحيحة والحقيقية في العمل وغياب التكامل بين مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية لدراسة هذه الظاهرة ووضع حلول ومعالجات لها وهيئة الزكاة هي التي يناط بها هذا العمل التنسيقي لأنها أكثر الجهات جباية للأموال وبعثرة لها هنا وهناك دون أن يكون لديها مشاريع حقيقية .. قال لي كيف يمكن ان تقضي الهيئة على التسول وهو يحتاج إلى إمكانات كبيرة ؟ قلت له أولا الأمر يحتاج إلى مسؤولين أكفاء وهذا ليس موجود وثانيا يحتاج إلى مشروع وطني لمكافحة التسول تشترك في تنفيذه كافة الجهات ابتداء من هيئة الزكاة والشئون الاجتماعية والداخلية والأجهزة الأمنية ومنظمات المجتمع المدني ومجلس الطاووس الذي أخذ اختصاصات أكثر من عشر وزارات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ووزارة الإعلام ومؤسساتها المختلفة وهيئة الأوقاف وهيئة الإرشاد والعلماء والخطباء والجامعات .. فقاطعني وقال كيف تريد أن تجمع كل هؤلاء من اجل المتسولين ؟ قلت له انت مثل مسئولينا يضعون العربة أمام الحصان وكل منهم يرمي باللوم على الآخر ويظل في مكانه وتبقى مشاكلنا معلقة دون حلول ومعالجات .
قال لي زميلي المواطن العزيز أعتقد أن الأمر سيظل كما هو طالما وهؤلاء يتحججون بتقصيرهم على وجود الفقر في امريكا وأوروبا وطالما وكل مسؤول يهرب من واجباته ومسئولياته وطالما وهناك حكومة عاجزة وهيئات فاشلة وفي مقدمتها هيئة الزكاة .. قلت له فعلا يازميلي العزيز ستظل هذه الصور المؤلمة التي نشاهدها نحن فقط موجودة لان مسئولينا في ابراجهم العاجية بعيدون عن هموم المواطن ولا يشاهدونها وفي ظل حمى الهيئات التي انتشرت والتي أدت إلى فوضى عارمة في تنازع الاختصاصات بين الوزارات والمؤسسات والهيئات فهناك هيئات تنشأ ووزارات تتلاشى وكل هيئة تريد السيطرة على أكبر قدر من مهام الوزارات وهناك وزراء صاروا مجرد واجهات فقط بعد سلب مهامهم واختصاصاتهم وحكومة غائبة أو مغيبة وبالتأكيد ان كل ذلك الغياب المؤلم سيجعل الصور المؤلمة تزداد وتتكاثر وتنتشر كما تنتشر الهيئات ووسط كل ذلك سيظل المواطن يبحث عن وطنه المفقود والمسلوب.